عرض مختصر لمسرحية فندق الأحلام الوردية
Une brève présentation de la pièce "Hôtel des jolis rêvs"
par Abdellah Khammar
قدم الكاتب هذا العرض بعد قراءة الأستاذ عزوق في المسرحية أمام جمهور مكتبة الشباب بالعاصمة يوم الأربعاء 26 جوان 2013
بسم الله الرحمن الرحيم
سيداتي آنساتي سادتي الأفاضل
أقدم في البداية شكري العميق للسيدة الأديبة الشاعرة فوزية لارادي التي شرفتني بهذه الدعوة كما أشكرها على الجهد الذي تبذله في خدمة الثقافة وأشكر مؤسسة فن وثقافة على توفير هذا المنبر للكتاب وفسح المجال أمامهم ليلتقوا بجمهور المثقفين وليتحاوروا معهم بغية إثراء المشهد الثقافي في العاصمة. وأتوجه بالشكر أيضا للأستاذ عبد الرحمن عزوق على تفضله بتقديم قراءة للمسرحية رغم مشاغله العديدة وعلى مساهمته في ترقية الثقافة وأرحب في الوقت نفسه بالجمهور الكريم من محبي الثقافة والأدب.
الدافع إلى كتابة المسرحية:
رأيت أن من واجبي ككاتب أن أساهم في إثراء النصوص المسرحية الجزائرية والعربية ولو بمحاولة كتابة نص مسرحي واحد على الأقل، لأن الفرق المسرحية المحترفة وفرق الهواة تشتكي دائما من قلة النصوص وندرتها. وهكذا كتبت مسرحية فندق الأحلام الوردية في أربعة فصول وواحد وخمسين مشهدا، وهي أول مسرحية لي. ولكني وجدت متعة ولذة في كتابة المسرحية فكتبت بعدها أربع مسرحيات هي على التوالي: "هموم الكاتب بوعلام" و"عزاب مع سبق الإصرار" و "عطلة السيد الوالي"، التي قدمت في الميدياتيك. و"حسناء من كوالا لمبور".
موضوع المسرحية وفكرتها:
موضوع المسرحية هو مكافحة الفساد والصراع الدائر بين النزهاء والراشين والمرتشين، أما فكرتها فتتلخص في أن الإصلاح دائما ممكن إذا توفرت الإرادة والعزيمة لدى الإداري المصلح، ففي أي إدارة أو مؤسسة هناك أقلية مفسدة وأقلية مصلحة تقاوم الفساد، وأكثرية محايدة صامتة تتبع الغالب، ليست فاسدة ولا ترضى بالفساد ولكنها لا تستطيع مقاومته إلا إذا وجدت من يقودها. وقد رأيت أن خير من يقوم بالإصلاح هو من يجمع بين الإيمان بالقيم وبين معرفة القوانين وأساليب الأشرار في التحايل عليها بشراء الذمم والتزوير والإرهاب.
لذلك اخترت فندقا فيه ملهى ليلي وكازينو قمار ليكون رمزا للمؤسسات التي يستشري فيها الفساد، علما بأن هذا الفندق لا يمثل الفنادق كلها ولا تمثل إدارته الإدارات كلها. ويتستر المفسدون في هذا الفندق وراء شعارات الحرية وتشجيع السياحة وتلبية رغبات الزبائن ويدعون أن أي إصلاح هو تقييد للحريات ويمكن أن يؤثر على مداخيل السياحة ويزهد السياح في القدوم إلى بلادنا.
واخترت أن يكون الأستاذ أو المعلم وهو الجندي الطليعي في معركة التنوير، الشخصية الرئيسية التي تقود الإصلاح. ولكنه أستاذ عمل ثلاث دورات كاملة كمحلف في محكمة الجنايات بتكليف من مجلس قضاء العاصمة، يدرس القضايا الجنائية ويراجع القوانين ويشارك في المداولات ويصدر الأحكام مما أكسبه خبرة في أساليب المفسدين والمحتالين.
حبكة المسرحية:
تقوم حبكة المسرحية على تعيين أحد رجال السياحة المتقاعدين حديثا مديرا لفندق الأحلام الوردية، ولأن هذا الشخص هرب خارج البلاد من الملاحقة القضائية بتهمة الرشوة، عرف مخلوف مدير الموظفين في الفندق أن الأستاذ المتقاعد حديثا عرفان رابح السعيد يحمل نفس الاسم والسن فأراد أن يعينه مديرا اسميا يوقع على كل ما يطلب منه، ولكن عرفان كانت له تجربة مثمرة في معرفة أساليب المفسدين وهنا يبدأ الصراع بين الإثنين ويستمر طيلة المسرحية.
شخصيات المسرحية:
لا شك أن المفسد في أي مؤسسة لا يعمل وحده بل تعمل معه عصابة تأتمر بأمره وتنفذ كل ما يطلب وتتقاسم معه الأرباح، ولا يمكن كذلك للمصلح أن يعمل وحده بل تلتف من حوله مجموعة تقاسمه المبادئ وتتفانى معه في خدمة الحق والخير والعدل. لذلك نجد حول كل من عرفان ومخلوف شخصيات أساسية فاعلة في المسرحية، فنجد إلى جانب عرفان جوهرة خبيرة المحاسبة والتي خاضت مثله تجربة القضاء كقاضية محلفة بتكليف من مجلس قضاء العاصمة، وكذلك صالح الشاب الجامعي الذي كان يعمل حمال حقائب في الفندق قبل أن يحضر عرفان ثم ياسمين ابنة صاحب الفندق التي يحاول المفسدون تضليلها في معظم فصول المسرحية. كما نجد إلى جانب مخلوف شخصية نديم ممول الفندق بالأغذية الفاسدة والمحاسب سمير المستعد للتوقيع على أية وثيقة.
أما الشخصيات الأخرى فهي شخصيات تبدو محايدة ظاهرا ولكن بعضها يدعم الفساد لأنه يستفيد منه ومعظمها يدعم الإصلاح ولكنه يتفرج في البداية على الصراع ليرى من الغالب حتى يحزم أمره. وهكذا نجد في المسرحية أكثر من عشرين شخصية منها سبع شخصيات رئيسية.
الحوار:
حاولت جاهدا أن يقوم الحوار بوظيفته الأساسية في المسرحية، وهي الكشف عن صفات الشخصيات وخصائصها ثم يؤدي إلى تطور الأحداث في المسرحية. كما حاولت أن يكون الحوار ممتعا قدر الإمكان فالحوار الممل يقتل المسرحية. وكتبت الحوار بالفصحى لسببين: أولهما أنني لا أحسن التعبير بالعامية أو بالدارجة الجزائرية، والكتابة بها مغامرة غير محمودة العواقب بالنسبة إلي، فللدارجة فرسانها ممن لا أستطيع مجاراتهم والجري في ميدانهم.
أما السبب الثاني فيتعلق بتنفيذ هذه المسرحية وتقديمها على المسرح، فمهمتي أن أكتبها ولكن تنفيذها ليس بيدي، حيث تتحكم ظروف كثيرة في إعدادها للمسرح وتقديمها أو إرجائها أو إهمالها تماما، فمن الخير لي إذاً أن أكتبها بلغة مقروءة لتظل مسرحية قابلة للقراءة حتى وإن لم تجد طريقها إلى المسرح. ونتيجة لذلك لم أهتم كثيرا بطولها ولم أرض أن أحذف مقاطع منها لتتلاءم مع زمن العرض المسرحي تاركا ذلك لمن يعيد إعدادها بالدارجة، وللمخرج إن قدر لشخوصها أن تدب فيهم الحياة على خشبة المسرح.
الإهداء:
أهديت هذه المسرحية لصديقي وزميلي في المهنة الأستاذ الشاعر والكاتب عبد الرحمن عزوق مفتش التربية والتكوين للغة العربية وآدابها لأني رأيت فيه نموذجا للأستاذ المستنير الذي لا ينقل التراث نقلا أعمى، بل ينقله نقلا واعيا ويكيفه مع العصر ، فهو ليس مجرد مصباح آلي يوصل المعرفة بل هو بالإضافة إلى هذا مولد للمعرفة ومنتج لها، كما أنه عمل قاضيا محلفا بتكليف من مجلس قضاء البليدة، وهذا ما أوحى لي بشخصية عرفان في المسرحية. وقد أردت تكريمه شخصيا بهذا الإهداء المتواضع، كما أردت تكريم الأساتذة والمعلمين وإعادة الاعتبار لهم بهذه المسرحية بعد ما عانوه من جحود وبعد أن اتهمهم بعض المغرضين بتكوين الإرهابيين مع أنهم الجنود الطليعيون في معركة التنوير.
هذا باختصار ما أردت قوله عن المسرحية أما تقييمها والحكم عليها فهو لكل من قرأها واطلع عليها. أكرر شكري على الدعوة الكريمة، وشكري لكم على حضوركم والسلام عليكم.
عبد الله خمّار